لنعمل لأجل بناء الثقة؟

لنعمل لأجل بناء الثقة؟

Jan 04 2024

فاروق حجّي مصطفى
يشكل عامل بناء الثقة عاملاً مهماً في نجاح العملية السياسيّة والدستوريّة، ويشكل رافعة للعمليّة الإنتقالية؛
ومع إنّ الحديث عن بناء الثقة بات حديثاً قديماً، إلا إنّه شرطٌ ضروريٌ وأساسي في دفع العمليّة السياسية ونجاحها؛
بيد إنّ ما لا يدركه البعض أنّ بلورة هذا الشرط لا يتم بسهولة، وهو ليس قرار يمكن اتخاذه، وذلك تبعاً لتعقيدات المسألة السوريّة، ويشكل الشروط الحقوقيّة من أهمها.
هناك سببان يعيقان بلورة الثقة بين الأطراف السوريّة:
الأول: عمر الصراع، وما تركه هذا الصراع من الأضرار الجسيمة على مستوى علاقة السوريين والسوريّات بعضهم ببعض، وقبل ذلك عمر النظام الشمولي والإستبداد نفسه والذي خلق وضع على مستوى الاجتماع السياسيّ إذ أصبح واضحاً ظهور صنفين: أصحاب الأمتيازات، ومجتمع البؤس، وهناك من يصف الوضع على إنّه مجتمع المركز، والطرف؛
والثاني: ما تركه هذا الصراع من ضحايا، وانتهاكات، والمغيبين قسراً والمختطفين والمختطفات، إذ إنّه لا يوجد طرف سياسيّ قادر ويتجرأ تجاوز بناء الصفقة إنْ لم يحصل جبر الضرر، وكشف المصير، من خلال القبول بالعدالة الإنتقالية.
في العامل الأول ربما يتم التركيز على مسألة بناء المصالح المشتركة إذ إنّ دوام الأزمة لا يتحملها طرف واحد من المسؤولية بقدرما إنّ المسؤوليات هنا موزعة، ولذلك من مصلحة طرفي الصراع البحث عن مساحات مشتركة من خلال الاستفادة من التركتين، تركة الاستبداد، وتركة ما بعد الثورة وتحويلها إلى فرصة للعملية الانتقالية، مشابهة لما جرى في جنوب أفريقيا،أي الشراكة في التغيير؛
وفي العامل الثاني حيث هو امتداد للعامل الأول، إذ إنّ الشراكة في التغييرعامل حاسم في النظر إلى قضايانا بشكلٍ أكثر واقعية ويساهم في جبر ضررعبر ايجاد حلول مناسبة معاً بمعية المصالحة الوطنيّة.
والحق إنّ بناء الثقة يحتاج إلى العمل في أكثر من مسار، في المسار الدستوري يمكن خلق بيئة العمل التشاركية دستورياً عندما ننطلق بروحيّة النظر إلى مستقبل مستقر، لا يكون فيه أي سوري وسوريّة بخلفياته/ا القومية السياسيّة خاسر/ة، وإنّ الرؤية الدستوريّة تكون منسجمة مع تطلعات المكونات السوريّة المختلفة؛
والمسار الآخر يمكن العمل على بناء نوات من المجتمعات المحليّة وبالضمانات شرط الحماية للحديث عن المصالحة الوطنية حتى تكون ضاغطة على أطراف النزاع حيناً والأطراف السياسيّة أحياناً أخرى..
يتبع