في المسألة السوريّة: سؤال الهويّة!

في المسألة السوريّة: سؤال الهويّة!

Sep 21 2023

فاروق حجّي مصطفى
برز سؤال الهويّة شيئاً فشيئاً على المسرح السوري، على مستوى المعارضة وعلى مستوى النظام أيضاً!
الهويّة التي يتبناها النظام واضحة لا تقبل غيرها: "الأمة العربية"، و"الشعب العربي السوريّ"، وحتى الجيش هو "الجيش العربيّ السوريّ"، ولا نستغرب حتى النطق بالحكم في المحاكم السوريّة "باسم الشعب العربي .."، وقبل ذلك الكتّاب الذين كانوا بالأطر النقابية والذين انضموا اليها "اتحاد الكتّاب العرب"، وهكذا
أما على مستوى المعارضة فهي انطلقت بهويّة جامعة إلا أنه سرعان ما تموضعت في هويتها الطائفيّة اضافة إلى الصبغَنة العربيّة في خطابها إلى حدٍ كبير؛ وما هو المستغرب، إنّ أصحاب الهويّات القومية والدينية "غير السائدة" وهم شركاء أطر مؤسسات المعارضة، أخفت نفسها كما لو أنّها "لم تسمع أو لم ترى!"..
إستطراداً .. فإنّ حراك السويداء أعاد المشهد ليكون حديث الساعة، خاصة بعد رفع الراية التي تخص الأهالي في السويداء!
وليس خافيّاً على أحد بإنّ للشركات راية، وللفرق الرياضية رايّات إلا عندنا نحن السوريين الراية مشكلة ومعضلة.
بيد إنّ الأمور لا تقف عند هذا الحد أي الحد الذي يرتقي إلى مستوى "المشكلة"، بقدر ما إنّ تخوين المكونات وإلصاق صفة "الانفصال" تصبح سيد الموقف.

في ٢٠٠٥، وعندما اراد العراقيون تغيير علم بلادهم صمم أحد أهم المبدعين العراقيين علم "جامع" لم يبق كاتبٌ عربيٌ إلا وعلق على ذاك العلم، وأتهموا العراقيين بـ"تقليد الصهيونية" فقط لأنّ ذاك العلم المقترح كان يحمل في أحد ألوانه "السماوي".
والحال إنّ سؤال الهويّات يُطرح ويصبح مهماً في حالة حدوث "الحروب الأهليّة"، وفي الأزمات السياسيّة لكن تصبح من القضايا الأكثر رواجاً عندما تقمع القومية السائدة في الدولة القوميات والطوائف الأخرى.
في الحقيقة لا يمكن الحديث عن علم وطني أصلاً في سورياً، ولعل السبب إنّ العلم والذي رددنا الشعارات المدرسية أمامها وحييناها، لم يكن نتاج لعقد اجتماعي سوري، وفي كل محطة من المحطات الدستوريّة السوريّة كان يُهمّش على الأقل مكون أو مكونين فضلاً عن الإلتزام بالمعايير الدولية المعروفة في عمليات "الاصلاح الدستوري"؛
ولهذا فإنّ النقاش حول التعرّف والاعتراف بالهويّات المتنوعة في سوريا بات أمراً ملحاً، ولكي نكون أكثر جديين في معالجة قضايانا، فأنّ هذه القضيّة لا يمكن النظر إليها كقضيّة مؤجلة! وبالتالي بعد الإنتهاء من صياغة الدستور تصبح من مسؤولية الحكم الجديد، البحث عن الآليات للخوض فيّ مباشرة البحث عن الحلول لـ"قضايا ذات الاشكاليّة" لأنّه عادةً تؤخذ مثل هذه الخيارات لكن حسب التجربة وعلى طرفي سوريا العراق ولبنان فإنّ حل القضايا المعلقة تصبح هي نفسها خلافاً تعرض البلاد برمته إلى الخطر، مثلاً في لبنان عدم التعامل مع ميثاق الطائف بشكل أكثر شمولاً ، وفي العراق المادة الدستوريّة (١٤٠) حول "المناطق المتنازع عليها"!
بقي القول، إنّ سؤال الهويّة يحتاج إلى جواب، وبالتالي لا يمكن الحديث عن الهويّة الجامعة دون الإعتراف بالهويّات المقموعة، ولذلك، أما آن الأوان لنعتز بتنوعنا وتعدد ثقافاتنا؟!