في التغيير الديمغرافي... الهندسة الديمغرافية

في التغيير الديمغرافي... الهندسة الديمغرافية

Nov 06 2019

فاروق حجّي مصطفى
مرةً في إحدى الفعاليات للناشطين والناشطات المدنيين-المجتمعيين، دار حديثٌ مطوّل حول المصطلحين، حيث أن العبارة الدارجة في الخطاب الشعبي والرسمي أو السياسي "التغيير الديمغرافي"، فيما واقع الحال، أي مثل ما يجري في سوريا، وبعيداً عن مناطقنا أعتبر أحد الزملاء بأنّ المصطلح الأدق هو "الهندسة الديمغرافية"، أي إحداث الهندسة الديمغرافية، وإنّ مصطلح التغيير الديمغرافي غير دقيق!
في ذلك الوقت اعتبر البعض، وحتى الصقور من تلك اللمّة المدنيّة إنّه ثمة مصطلحٌ تسرّب في خطابنا المدني، وإنّ الغاية منها تمييع قضيةٍ مهمة كقضية السكان وتبديل أماكنهم قسرًا دون مسوّغ قانوني أو مشروع.
بعيدًا عن ذلك الأمر، لم تكن مؤامرة، وصاحب مصطلح إحداث الهندسة الديمغرافية كان ملماً ويعرف مدلولات هذا المصطلح، ولكونه كان ضليعًا في الانكليزيّة فإنّه يعرف الفرق بين المصطلحين وأيهما يؤثر في الذهن الغربي الرسمي والرأي العام.
لا نخوض هنا في أصل المصطلح، وأين تم استخدامه، ولماذا استُخدم لأول مرة في ألمانيا، وهناك من يقول بريطانيا.
التغيير الديمغرافي أمرٌ جائز ويحدث، وليس دائماً له دلالةٌ سلبية، وقد تفرض دولة القانون ذلك إن كان لهذا التغيير مصلحة عامة؛ في حين أن إحداث الهندسة الديمغرافية هو أمرٌ غير مسموح، حيث هذا المصطلح له دلالةٌ سلبية وهو أمرٌ مرفوض، لأن المصطلح هو كل عمل قامت دولة ما أو جماعة ما به ضد فئة سكانية محددة واستبداله بسكان آخرين وبمنهجية مدروسة وتحمل صبغة عنصرية حتماً.
والحال إنّ ما يجري اليوم في مناطقنا، هو إحداث الهندسة الديمغرافية، والأخطر من ذلك إنّ المكونات السياسية السوريّة المعارضة تشجع وتصفق لهذا الأمر الخطير.
وما يثير الإستغراب إنّ الأمم المتحدة أعلنت عن السعي لتشكيل لجنة لدراسة هذا الموضوع!

بقي القول، إنّ ما يجري في مناطقنا هو أمر ليس بسهل، حيث لا يقف الأمر في الجانب السياسي من القضية بقدر ما إنَ للقضية أبعاد وأبعاد، وكلها لها عواقب وخيمة، والسؤال هل سنرى طرف سوري جاد يقف إلى جانبنا حتى نحمي مجتمعاتنا من الإنزلاق من خلال حماية ذاكرتهم المجتمعيّة واستقرارهم السكاني؟!