طاولة الزهر.. لعبة القدماء وتقاوم البقاء في كوباني على أيدي كبار السن

طاولة الزهر.. لعبة القدماء وتقاوم البقاء في كوباني على أيدي كبار السن

Sep 14 2023

برجاف|كوباني- عمر محمد
غيرت سنوات الحرب الدامية في سوريا ملامح الحياة اليومية وأثرت فيها على جميع الأصعدة فعلى الصعيد الاجتماعي غيرت من بعض العادات والتقاليد في المجتمع كما فقدت بعضها الأهمية، وانحدر المرء نحو القادم ونسيان الماضي، وبرزت سبل العيش بنوع آخر مع مرور الأيام والتطورات الحاصلة، فما كان رائجًا وهامًا في الماضي أصبح غائبًا عن الساحة الاجتماعية والعائلية اليوم.
ولعبة "طاولة الزهر" واحدةٌ من الالعاب الشيقة التنافسية باتت تفقد مكانتها في المجتمع إلى جانب الالعاب الأخرى, التي كانت لها مكانتها الخاصة في الماضي بين أهالي مدينة كوباني وباتت الآن من النوادر في الساحة الاجتماعية والقلة من يتقنوها ويمارسوها ويهونها.
يذكر البعض بأن اللعبة فقدت مكانتها المرموقة بفقدان المقاهي الشعبية في مدينة كوباني وتحولت إلى الكفيتريات التي تعتمد على المأكل والمشرب وفقدت اللعبة روحها الاجتماعية.
فيما يقول الثلاثيني "أحمد رشو " ل #برجاف_FM الذي يجلس بجبهة تنافسية مع "أبو رشيد" من عفرين ويخوض منافسة باللعبة الطاولة أمام محله لبيع الأدوات الكهربائية بمدنية كوباني، بأن لعبة "طاولة الزهر" باتت تفقد مكانتها في المجتمع لأسباب عدة منها سوء الوضع المعيشي والعادات الاجتماعية الجديدة أبعدت الناس عن ممارسة هواياتهم اليومية.
ويستمر "رشو" في اللعب بتحريك الزهر,(حجر مرسوم عليه نقاط مختلفة العدد), بين قبضة يده اليمنى ويحررها ويرميها على طاولته لتكشف النتيجة التي تحملها الزهر اعتمادا على الحظ والذكاء اللذان يعتمد عليهما لاعبي طاولة الزهر.
وتنحدر لعبة "طاولة الزهر" بحسب معلومات "رشو" إلى العهد الفارسي, ولها أنواع وقواعد مختلفة منها "محبوسة" أو " المغربية أو إفرنجية", أكثرها صعوبة من حيث قواعد اللعبة, التي تجمع بين الإثارة والحظ والتركيز والتوقع والحذر والمغامرة والتخطيط في نفس الوقت؛ الهدوء.
وتوضح بعض التقارير المفتوحة المصدر بأن اللعبة تعود للقرن الثلاثين قبل الميلاد ، فقد اكتشف علماء الآثار في مدينة أور العراقية في حضارة ما بين النهرين ألواح زهر تستخدم في هذه اللعبة، ثم بعد ذلك أخذها عنهم الفرس وجاء من بعدهم الروم الذين طوروها وباتت تشبه إلى حد بعيد لعبة الزهر الحديثة التي نستخدمها في وقتنا المعاصر.
وتتكون لعبة الطاولة أو النرد من رقعة خشبية أو صندوق خشبي يمكن أن يكون مزخرفاً من الداخل والخارج, تحمل في طيته قطع خشبية ثمينة من الأبنوس، وعدد من الأقراص العاجية أو البلاستيكية أو الخشبية بلونين مختلفين عددها 15 قطعة لكل لاعب, يتم وضعها بشكل متقابل.
ويشير "أحمد رشو" خلال حديثه بأنه أتقن لعبة طاولة الزهر منذ صغره وتعلمها عندما كان يمارس والده اللعبة مع أقرانه خلال السنوات الماضية, ويمارسها الآن مع بعض اللاعبين القدامى الذين قلّ عددهم تدريجياً مع مرور السنوات, لقضاء بعض الوقت والابتعاد عن مشاغل الحياة اليومية.
فيما يقاطعه منافسه "أبو رشيد" نازح من مدينة عفرين الحديث ويقول كنا نملك في البيت خمسة طاولات زهر وكنا نلعب بحماس مما تحمله اللعبة من المتعة, موضحاً بأن اللعبة لها فائدة على العقل من حيث التخطيط والتركيز في قواعد اللعبة.
ويمارس أحمد رشو اللعبة خلال أوقات فراغه مع بعض من الكبار السن ممن بقوا على تلك المحنة القديمة تجاه اللعبة, ويوضح في نهاية حديثه ل #برجاف_FM بأن بعض من أعمامه كانوا يلعبون الطاولة لمدة يوم كامل دون انقطاع.
هذا وباتت لعبة النرد تفقد حماسها إلى جانب العاب شعبية اخرى التي كانت تمارس بشكل يومي بين المنافسين في المنازل أو العمل أو المقاهي كلعبة "ماغل" )magel( باللغة الكردية, فيما باتت العاب الفيديو الإلكترونية تسيطر على الساحة الاجتماعية بين الكبار والصغار.
ولعبة الطاولة تحظى بشعبية كبيرة في العالم العربي وكذلك في العالم كله، ففي العالم العربي تُقام المنافسات لدورات اللعب تلك اللعبة بين رواد المقاهي.