ضحايا الألغام

ضحايا الألغام

Jul 14 2019

سردار شريف
سنوات عديدة مرت على سوريا ولم يتوقف فيها الحرب وبالطبع الحرب لا ينتج عنها إلا الدمار والموت ولكن الدخول إلى تفاصيل هذه النتائج سيجعلنا نكتشف أن الكارثة الحقيقية هي ليست دمار الأبنية السكنية بل القضية عميقة ومؤلمة أكثر مما نعتقد وخاصة في شمال وشرق سوريا تختلف المسألة وتختلف النتائج وكلما اقتربنا من الفرات نرى أن وجود الإرهاب عدة سنوات في هذه المنطقة قد غير حياة كم هائل من الأشخاص ومن العائلات التي كانت ومازالت وستبقى ضحية مرور هذا الفكر الإرهابي والفعل المتطرف من هذه المنطقة ,

انقسم ضحايا الإرهاب إلى عدة أقسام منهم من حكم عليه بالقصاص ومنهم من حكم عليهم بالرجم وايضا السجن والتهجير القسري ومنهم من تأثر فكريا" ومنهم من لم يعلم أن الإرهاب حتى بعد زواله سيكون هناك شيء يدمره من كل النواحي ويدمر الألاف من الأشخاص عن طريق زراعة الألغام وصناعة الموت وخلق خلل في المجتمع وتغيير من حياة عدد كبير من الناس الذين أرادوا العودة إلى بيوتهم ولكن كانوا ضحية سياسة سوداء ضعيفة لا تحمل إلا مبدأ القتل وزرع الألغام في الطرقات والمدارس والحدائق وبيوت المدنيين وأصبحت المدن التي كان يسيطر عليها الإرهاب مدن تعاني كل المعاناة من مسألة الألغام وكان ضحايا الألغام هم من جميع الفئات العمرية .

بحسب دراسات أممية واحصائيات الكثير من المنظمات الدولية أن عدد الأشخاص الذين هم ضحية الألغام والذين بحاجة لأطراف اصطناعية في مناطق شمال وشرق سوريا هم أكثر من أربعين ألف متضرر ولكن لا تتوقف المسألة عند كل شخص بإنه خسر أحد ساقيه أو يداه وأنه بحاجة لطرف اصطناعي لا بل المسألة هي تعليمية ونفسية ومادية ونستطيع أن نقول أن كل شخص كان ضحية الألغام يعاني من كل النواحي في حياته .

وجه الكثير من ضحايا الألغام رسائل إنسانية إلى المنظمات الإنسانية الدولية والى العالم لإيجاد حلول مناسبة لضمان حياة كل شخص فقد أطرافه ولكن ما زالت القضية ليست مهمة كثيرا وما زال هناك الكثير من الأشخاص غير مسجلين يسكنون القرى وغالبيتهم من الأطفال لا يعرفون كيف الطريق للمطالبة بحقوقهم .

يقول أحد الأطفال : في كل يوم انتظر احد ما ليقدم لي تلك الهدية التي احلم بها وهي رجل اصطناعية لكي استطيع الذهاب إلى المدرسة .

عندما نرى أن الطرف الاصطناعي أصبح هدية ينتظرها طفل فهذا يعني أننا أمام كارثة حقيقية يجب على العالم كله الوقوف أمامها وليس فقط الهدف تأمين تركيب طرف لا بل العمل على تمكين الأشخاص ضحايا الألغام من جميع النواحي وتسليط الضوء عليهم عن طريق تعليمهم واكتشاف مهاراتهم والعمل على تطويرها ودمجهم بالمجتمع وعدم أبعادهم عن ساحات العمل والإنتاج خاصة فئة الأطفال والشباب الذين هم الفئة الأكثر التي تعاني كل المعاناة وخاصة في مجال العمل .

يبقى موضوع الألغام من المواضيع الأكثر خطرا" في العالم وهي متعلقة بالحروب فمثلا" إلى يومنا هذا تعاني ايضا" محافظة دهوك في كردستان العراق من مسألة الألغام فهناك أكثر من أربعة ملايين لغم ما زالت مزروعة نتيجة الحرب العراقية الإيرانية والى الأن يخسر البشر حياتهم في تلك المناطق في دهوك بسبب مخلفات الحرب ودائما ما يلتجأ العديد من الأشخاص إلى الإعلام ليصل بصوته إلى المسؤولين عن عدم إيجاد حلول لمسألة الألغام وإهمال هذه المسألة التي هي سبب في الخوف والموت وخسارة البشر لأطرافهم.

وأيضا" محافظة الرقة السورية المدينة التي جرت فيها أكبر المعارك منذ بداية الحرب في سوريا ضد تنظيم داعش الذي جعل من هذه المدينة عاصمة له فهذا ما سبب بدمار المدينة حتى بعد انتهائها من الإرهاب حيث اتبع التنظيم سياسته السوداء مرة أخرى بزرع الألغام في بيوت المدنيين والمدارس والشوارع والحدائق التي أصبحت مدافن للألغام التي أهلكت حياة الألاف من المدنيين حيث هناك أكثر من ستة ألاف مدني بحاجة لأطراف صناعية دائما" ما يوجهون الرسائل للمنظمات الإنسانية ولكن ما تزال أصواتهم ليس لها نتائج وما تزال الأعداد تتزايد دون أن يكون هناك تحرك لتحقيق أحلام الأطفال وهي ليست إلا دمجهم مرة أخرى في المجتمع

ضحايا الألغام هي القضية والمسألة المعلقة ويجب على العالم تحمل مسؤولية هذه المسألة وإيجاد الحلول المستدامة لتأمين حياة كريمة لهم وتمكينهم من جميع جوانب الحياة وبالنتيجة هم ليسوا إلى ضحية حروب عنيفة وسياسات سوداء بعيدة كل البعد عن الإنسانية والسلام.