المجتمعات المحليّة والدستور!

المجتمعات المحليّة والدستور!

Mar 11 2021

فاروق حجي مصطفى
عاملان يدفعان بتعزيز دور المجتمع المحلي في العمليّة الدستوريّة:
العامل الأول: كون الدستور يخص الجميع، أفراداً ومجتمعات.
العامل الثاني: كون الدستور يحدد وينظم شكل العلاقة بين المجتمعات، وحكوماتها.
وبين الأمرين،كلما انخرطت المجتمعات في العملية كلما تطورت العملية، وزادت من شرعيتها وملكيتها.
في العامل الأول، دستورٌ يخص الأفراد، لأنه ينظم الأدوار ومسائل الحقوق وآفاق الواجبات، ويحدد بالضبط مساحة المواطن الفاعل في الحياة العامة.
والمجتمعات، اذ تعكس ثقافة المجتمعات وتدفع بها نحو الإنخراط الأعمق في مسائل الهويّة، وركائز الدولة، وتحقق شرط المأسسة، خاصةً إذا كانت الدولة ذات التنوع السكاني.
ومن هنا يختفي التصور المسبق بإنّ الدستور شغل القانونيين.
قد يكون صحيحاً بإنّ المحاميين وحدهم يستطيعون دمج الأفكار وتحويلها إلى المرحلة الأولى من الصياغة، خاصةً إنّ القانونيين أكثر درايةً من غيرهم بمسائل لها علاقة بالقواعد القانونية.
بيد إنّه ما لا يدركه البعض إنّ أساس الدستور يرتكز على السجالات السياسية والحجج القانونية، وانعكاسٌ لتطلعٍ وافق التطور المجتمعي الطبيعي الحاضر والمستقبل.
لا يمكن لأي قانوني صياغة المبنى الدستوري من خياله؛ حتى لو صاغه أو استنسخ من الدساتير الأخرى، حينها لا يكون دستوراً غريباً عن الناس فحسب، إنّما سيضع الناس كلهم في حالةٍ من الغربة، من الدولة والوطن أيضاً.
فالدساتير لا تنظم العلاقات فحسب، إنّما تسهّل في عملية بناء المزاج العام للخلق، وتاليّاً إنتاج مواطنٍ صالحٍ يعرف حقوقه وحقوق غيره والتزاماته.
ولا نستغرب إنّ الدستور يصيغه الكل، كلٌ من موقعه، فالكل يلعبُ دوراً في إنتاج دستور لحاضره ومستقبله؛ فهناك من يكون على تماس مباشر بالعملية أي في لب لجنة الصياغة؛ وهناك من يجادل ويساهم في إغناء الأفكار، ويتواصل ولا ينقطع عن دائرة الصياغة؛ وبين الفئتين تلعب المجتمعات أدواراً مهمّةً في القبول او عدم قبول الدستور المصاغ.
بقي القول، إنّ دور المجتمعات مهمّةٌ في صناعة الدساتير، ما يضعنا جميعاً امام مسؤولية تعزيز دورها وتفعيل مكامن الضعف حتى نصل إلى نهايةٍ محمودة على الأقل في صياغة مستقبلنا!