العراق بین مطرقة الجهل و سندان المجهول..

العراق بین مطرقة الجهل و سندان المجهول..

May 01 2021

آراس عبدالکریم
لقد نبه رئیس أقلیم کوردستان في أکثر من مناسبة بغداد والتحالف الدولي ضد داعش من خطورة إستعادة الاخیر لقوته ولاسیما في وجود الفجوة الأمنیة الحاصلة في المناطق المسمی بالمتنازع علیها والتي باتت ممرا مظلما لعملیاته الأرهابیة التي یشنها هنا وهناک، وآخرها الهجوم الارهابي الذي شنه لیلة أمس علی قوات البیشمرکة غرب کرکوک حیث خلف ضحایا من شهداء وجرحی، متزامنا مع هجمات أخری شنها في الوقت عینه، وعلی أثرها شدد الرئیس نیجیرفان بارزاني الیوم (الأول من نیسان) في بیان له علی مناشدته لمجلس النواب والحکومة العراقیة والتحالف الدولي للإسراع بتشکیل قوات مشترکة من البیشمرکة والجیش العراقي في تلک المناطق، مشددا علی إستعداد أقلیم کوردستان لکافة أنواع التعاون والتنسیق لهذا الغرض من أجل محو هذا الخطر الذي یهدد أمن أقلیم کوردستان و العراق معا بل والعالم برمته.
لیس بخافٍ علی بغداد قبل أي طرف أن ما حصل وما یحصل من خروقات أمنیة من قبل داعش في المناطق المتنازعة علیها هو تحصیل حاصل لما خلفته أحداث تشرین الأول ٢٠١٧، حیث ترکت علی أثرها أکثر من فجوة أمنية، وأثبتت العملیات الأرهابیة المتلاحقة لداعش علی صعوبة إن لم نقل إستحالة السیطرة علیها من قبل القوات الأمنیة العراقیة في غیاب تعاون وتواجد قوات البیشمرکة في هذه المنطقة.
لقد شدد رئیس أقلیم کوردستان مرارا وتکرارا علی ضرورة وصول بغداد وأربیل الی تفاهم مشترک لحل کافة المشاکل والملفات بینهما، ونبه الجمیع من خطورة العواقب المترتبة علی عدم إتخاذ خطوات عملیة، بنیة وقناعة صادقتین. لکن من المٶسف حقا أن هذا النداء الوطني والعقلاني لم یجد صدی له لا في بغداد ولا حتی بین الأطراف السیاسیة العراقیة النافذة لحد الآن؛ فحتی إتفاق سنجار الذي کان یٶمل لە أن یکون بمثابة الخطوة الأولی والأرضیة المتینة للخطوات العقلانیة الأخری التي تنحو منحی ما دعا ویدعو إلیه رئیس الأقلیم للتفاهم والإتفاق التام بین بغداد وأربیل لحل کافة المشاکل والقضایا العالقة بینهما، حتی هذه الإتفاقیة لم تتخذ لتنفیذها أية خطوة عملیة وجدیة من قبل بغداد!
فما یحصل یجعل المرء یسأل باستغراب وقلق شدیدین: کیف یا تری یفکر الساسة والأطراف العراقیة المتنفذة حول مصیر العراق الذي یأن تحت وطئة ألف مأزق ومأزق سیاسي واقتصادي وأمني و.. و؟! حقا کیف یرون ویفهمون الواقع العراقي والمشهد السیاسي الذي لایحسد علیه؟! فقد بات البلد یسیر شیئا فشیئا صوب مصیر أشبه ما یکون بالمجهول. فإستشراف ما یمکن أن یقبل علیه العراق في ظل هذا الواقع الکارثي، لیس بحاجة الی ذکاءٍ خارقٍ کي یتیقن أن ذلک المجهول سوف لن یأتي إلا بما لا یحمد عقباه. وإذا کان خلف هذا الجراء الأعمی نحو المجهول هو الجهل السیاسي، فهذه مصیبة، وإن کان نهجا سیاسیا عالما بما هو سائر علیه وإلیه، فالمصیبة أکبر.
إن إخراج العراق من مأزقه بل من مآزقه الحالیة، لا یحتاج لا الی عصا سحري ولا الی معجزة، فکل ما یحتاجه هو إرادة وقناعة مبدئیة لإیجاد الحلول مع حکمة ورٶیا واضحة لدی الساسة وسیما من هم في مراکز القرار في بغداد، أو الأصح –عراقیا!- أن نقول في مراکز القوة، فالتأرجح بین الدولة واللادولة هو الحقیقة المرة لما یشهده العراق. فالحل علی غرار ما یراه الرئیس نیجیرفان بارزاني، لابد وأن یأتي من الداخل بقناعة وأرادة شتی الأطیاف السیاسیة والمکونات العراقیة.
قد آن لبغداد أن یخطو عملیا وجدیا لما دعا إلیه رئیس الإقلیم حول تشکیل قوات مشترکة من البیشمرکة والجیش العراقي للحیلولة دون تکرار ما حدث لیلة أمس وما یمکن أن یحدث إن غضوا النظر عن خطورة عدم الأخذ بنظر الإعتبار بیان رئیس إقلیم کوردستان الیوم.

بقي القول أن التحالف الدولي ضد داعش أیضا، علیه بأخذ دور فعال أکثر لتحقیق ما ناشد إلیه رئیس الأقلیم في بیانه، فالخطر الداعشي لیس خاص بالعراق أو بمنطقة معینة فحسب، فهو حین یهاجم ویدمر هنا الیوم، نراه غدا یفجر ویسفک هناک في عقر دارهم. إنە بحق خطر عابر للقارات.
إن التریث أکثر وعدم إتخاذ القرار وتنفیذه بجد، هو الجهل السیاسي بعینه ولا یسیر بالعراق إلا الی مصیرٍ مجهول، مجهول من اللون الأسود الداکن الذي یجعل من العراق بلدا مبنیا للمجهول.

١/٥/٢٠٢١
أربیل