لا بديل لتنفيذ القرار 2254 لحل الأزمة السورية

لا بديل لتنفيذ القرار 2254 لحل الأزمة السورية

Jun 23 2020

رمزي عز الدين رمزي*
هناك شعورٌ عامٌّ متزايد، حتى بين السوريين، بأنَّ المجتمع الدولي سلَّم بأنَّ الطريق إلى التسوية السياسية في سوريا أصبح مسدوداً إلى أن: يتم اتفاق بين الولايات المتحدة وروسيا على كيفية الحل، تتوصل كل من الولايات المتحدة وإيران إلى صيغة مقبولة للتعايش، اتخاذ الدول العربية مبادرة جماعية للتسوية في سوريا، يتمكن العرب وتركيا من التفاهم على ترتيب يحقق التوازن في مصالحهم في المنطقة. فإذا كان هذا هو الحال، فالأرجح أننا سننتظر طويلاً. ولكنَّ هناك طريقاً آخر لتسريع الحل السياسي في سوريا، وذلك فيما إذا قرر المجتمع الدولي، ولا سيما الدول الفاعلة على الساحة السورية، أن يعكسوا هذا المنطق ويصلوا إلى تفاهم على أسلوب مبتكر للمضي قدماً في تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254، على أساس أن التسوية في سوريا ستفتح الباب أمام حلحلة بعض المشاكل الإقليمية وحتى بين الدول الإقليمية والقوى الكبرى.
إن سجل قرارات مجلس الأمن الدولي يعكس تخبطاً في التنفيذ، حيث نُفذت بعض القرارات ولم يتم تنفيذ البعض الآخر، وحتى تلك التي نفذت لم تنفذ بالتسلسل الوارد في القرار أو خلال الإطار الزمني المنصوص عليه.
فيما يخص القرار 2254 الخاص بسوريا فما زال مصيره غير واضح. فهناك أمل في تنفيذه حتى إذا لم يتم بالتسلسل الوارد في القرار، وبالتأكيد ليس في الإطار الزمني المنصوص عليه. وذلك لتحقيق الهدف الأساسي منه إلا وهو أن يحقق الشعب السوري تطلعاته في تقرير مستقبله، من خلال انتخابات حرة ونزيهة تدار تحت إشراف الأمم المتحدة.
إن القرار 2254 يوفر إطاراً عاماً للتسوية السياسية في سوريا يتضمن العناصر التالية: وقف إطلاق النار بالتوازي مع مفاوضات تؤدي إلى نظام حوكمة ودستور جديد يجري على أساسه انتخابات، على أن يتم ذلك في بيئة تتمتع بوقف إطلاق للنار مع التصدي لظاهرة الإرهاب، وتدفق المساعدات الإنسانية، والإفراج عن المحتجزين والمختطفين، وعودة اللاجئين وبدء عملية إعادة الإعمار.
فيما يخص وقف إطلاق النار على كافة الأراضي السورية، فقد خفَّت حدة القتال بشكل ملحوظ في معظم أرجاء البلاد، ولا يبقى سوى استكمال الترتيبات في منطقة إدلب وشمال شرقي سوريا، من أجل التوصل إلى وقف لإطلاق النار الشامل.
وفيما يتعلق بمسألة الحوكمة، فإنَّ الصيغة الأكثر منطقية هي تقاسم السلطة بين الحكومة والمعارضة. وللأسف لم يتم استكشاف بشكل جدي إمكانية التوصل إلى صيغة مقبولة بهذا الشأن. فمن جهة لم تكن المعارضة قابلة لأي شيء سوى تشكيل هيئة حكم انتقالي، الهدف منها الإطاحة بنظام الحكم السائد، ومن جهة أخرى لم يذهب مفهوم الحوكمة لتقاسم السلطة إلى مدى مقبول. وعلى الرغم مما تقدم لا تزال هناك فرصة للوصول إلى صيغة مقبولة للحوكمة، من خلال عملية الإصلاح الدستوري.
والآن، لم يعد هناك مناطق محاصرة أو مناطق صعبة الوصول إليها. هناك فقط مناطق حدودية خارجة عن سيطرة الحكومة. وللأسف فإنَّ تلك المناطق ضحية لخلاف بين معظم الدول المانحة التي ترى أن تمر المساعدات عبر الحدود وبين الحكومة التي تصر على أن توجه المساعدة من خلالها. ويمكن علاج هذه المسألة في إطار مجموعة شاملة من الإجراءات لتنفيذ القرار 2254.
ففيما يتعلق بتدابير بناء الثقة، فهناك حاجة إلى مجهود ضخم، حيث لم تسفر عملية آستانة إلا عن تقدم ضئيل بشأن إطلاق سراح المحتجزين من قبل الحكومة والمختطفين من قبل المعارضة. فلم يتم إطلاق سوى العشرات من قبل الحكومة والمعارضة.
أما فيما يخص المكافحة الفعالة للإرهاب، فإنَّ ذلك يتطلب معالجة جذوره، وهي عملية طويلة ومعقدة. ولذلك ما ينبغي أن يكون أولوية للمجتمع الدولي هو وضع حد للدعم الخارجي للإرهابيين داخل سوريا. وفي هذا الصدد، يجب تنفيذ قراري مجلس الأمن 2170 و2178 لعام 2014 تنفيذاً صارماً، على أن يبدأ ذلك في إدلب.
أما العملية السياسية فقد أصبحت تتمحور حول عملية الإصلاح الدستوري من خلال إنشاء اللجنة الدستورية، التي أصبح لديها الآن جدول أعمال متفق عليه. وفي ضوء أن الدستور الحالي يحدد عام 2021 موعداً لإجراء الانتخابات الرئاسية، فمن الضروري أن تنهي اللجنة الدستورية أعمالها في توقيت يسمح بتنظيم الانتخابات في الموعد المحدد، وذلك على أساس أن تنعقد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في توقيت متزامن بعد استكمال عملية الإصلاح الدستوري، الذي يمكن أن ينتج عنها دستور معدل أو جديد حسبما تتفق اللجنة الدستورية.
*سفير مصري ومسؤول أممي سابق
المصدر :الشرق الاوسط