كُوباني مرة أخرى!

كُوباني مرة أخرى!

Nov 04 2018

فاروق حجّي مصطفى:
بعيداً عن التهديدات التركيّة وقصفها لعدد من المناطق الآهلة بالسكان، فإن الواقع الكُردي أمام استحقاق تاريخيّ، ولعل أهم استحقاق هو إيجاد بيئات عمل متناسقة ومتسقة سياسيّاً ومدنياً، بمعنى أن الواقع الحزبيّ الكُردي أمام منعطف تاريخي ومهم، وهذا المنعطف يضع الجميع أمام المسؤوليّة التاريخيّة.
عادةً يبلور المجد وصاحبه في مراحل تكون قلقة ومرتبكة وتشوبها الفوضى، ولا يمكن أن تحقق مجداً في بيئات مستقرّة؛ ففي البيئات المستقرّة لا تأتي الأمجاد بسهولة، كمن تحدث المعجزة، ما يعني أنّ الأمجاد في البيئات المستقرة ان تحققت فهي معجزة. لأنه ليس بالسهولة أن تغير من أحوال الناس الذين يعيشون بهدوء، ولا يقتنع الناس أصلاً بأنه ثمة واقع أفضل من الإستقرار. الإستقرار قيمة لا يمكن الإفراط بها. لانه في الفوضى أو الحروب أو المنعطفات التاريخيّة المجد الكبير يكمن في تأمين الإستقرار والعيش الهنيئ، ومن هنا فإن الفرصة الكبيرة أمام مشهدنا السياسيّ وقادة أحزابنا هي العمل على بناء الإنسجام الذاتي، وبناء الأفق الرحب والمستقبل الآمن.
والحال، فمن يريد أن يحقق المجد عليه العمل على ترتيب البيت الداخلي، ومن يريد أن يصبح قائداً، فلا معنى للقيادة إن لم يكن هناك اجماع. ولا نخطئ عندما نقول بأن الشارع الكُردي السوري يفتقد القائد الجامع، القائد الذي يفضّل المصلحة العامة على المصلحة الخاصة، والقائد الذي يتشاور مع الجميع ويعمل لأجل الجميع.�أمام أصعب مراحل التاريخ لم يستطع القادة الكُرد السوريين انتاج واقع مغاير، فقط الثوار استطاعوا إن يفدوا بأرواحهم لأجل التغيير، وكون كوباني مرة أخرى مهددة أو معرضة للإجتياح التركي فإنه من مسؤوليّة أحزابنا التفكير في عمل المستحيل لكي لا تنزلق الأوضاع نحو الأسوء، وهذا ليس كلاماً نظريّاً بقدر ما انه مطلب محق ومشروع، ولكن كيف؟
حتى نتجنب الكارثة على أحزابنا ترتيب البيت الداخلي، وعلى أحزابنا تغليب التناقض الرئيسي على التناقض الثانوي، وهو أضعف الايمان يمكن القيام به، لأجل أن يقولوا للتاريخ بأنه عملنا معاً وتشاورنا معاً، و ووضعنا خططنا وأولوياتنا معاً لكن القدر كان أقوى منا، ومن تربص بنا كان أقوى منّا ومن واقعنا. الإنتظار، وإجراء التحليلات من قبل قيادات أحزابنا لا تنفع المرحلة ولا يستفيد منه الناس. بيد انّ المعضلة الكبرى في العقل السياسي الكُردي في المنعطفات تصبح قيادات أحزابنا محللون وينسون وظيفة القائد، وهنا الطامة الكبرى!