في ذكرى هجوم داعش على كُوباني

في ذكرى هجوم داعش على كُوباني

Sep 16 2018

فاروق حجّي مصطفى:
يعتبر الكُوبانيون أن يوم ١٥ أيلول هو اليوم الأسود، هو يوم القيامة في كُوباني، لكنهم يتفاخرون بما قدموا وأفدوا بأرواحهم لكُوباني إلى درجةٍ عجز داعش عن احتلاله بالكامل.
صدق ذاك الشاعر الذي قال"كُردي، كيس تبغ، وحفنة ذبيب، وبندقيّة، وثم صخرة، فاليأت العالم كل العالم". مساحة صغيرة كانت كافيّة ليتحرك المقاومون لدحر الإرهاب، ولتخييّب كل من تربص بكوباني وأهلها. مساحة قد تعادل مساحة ملعب، كانت موطئ قدم للأبطال، أو لنقل زاويّة، كانت خير زوايا في وقت إنّ داعش تستخدم كل الإسلحة بدءاً بالهمرات والسيارات المتفجرة والمجانين الذين رغبوا بدخول الجنة.
قصة كُوباني ومقاومتها، قصة قد تلخصها بكلمة، هي "القيامة" وفي تفاصيل القيامة تجد ما لم تسمعه أو قرأت عنه أو كرره التاريخ. ثائرٌ يرفض العودة ويفضل الشهادة، ثائرة تقاتل وثم تفجر نفسها.. فقط لكي لا يرون تقدم داعش أو سقوط كُوباني.. نساء يتطوعنّ ويقدمن الأكل، والثوار لا يملّون من المقاومة ولا ينامون، بينما الأطباء يتنقلون من قبو إلى قبو لمداواة الجرحى وبينما كانوا يتمعنون في عمق الجرحى كانوا يتأملون النصر المحتوم؛ والصحافيون لم يغادروا الحدود بسهولة، بقوا يترصدون المعجزة.
أسماء أحياء كوباني أصبحت مانشيتات الصحف العالمية، العدوة والصديقة، وكل حيّ بكوباني صار عنوان لنشرة أخبار تلفزيونية أو الأخبار المذاعة. هناك رؤساء قالوا ستسقط كوباني، وهناك رؤساء كتل في البرلمان التركي تفاخروا وقالوا "لنرى!" الأخير متأكد من سر قوة كوباني، وأهلها.. بل قوة وإرادة الكُرد وتصميمهم على النصر..
الكل كانوا خائفين، والكل كانوا ينتظرون لحظة النصر، الكل وأقصد الكُرد من مساحة كُردستان الكبرى لم يتأخروا للحظة في القتال في وجه أعتى منظومة إرهابية.
الرئيس بارزاني، وفي مؤتمر صحفي إلى جانب وزيرة الدفاع الألمانية قال" كوباني لن تسقط" وتلك اللحظة كانت الحد الفاصل بين السقوط والنصر، وسرعان ما قامت قوات التحالف بقصف الإرهابيين الملتحين بلحية غريبة ومتسخي الوجوه..كائنات غريبة. أول ضربة أمريكية كانت استهدفت "خراسان" وثاني ضربة كانت في كُوباني.
العبرة من القيامة، ناس جدد، بذهنيات جدد، الكُوبانيون تغيروا، أيام القيامة كانت كفيلة بإحداث التغيير في كل شيء فيهم؛ وما أن تحررت كوباني، بعد مقاومة كبيرة وصمود القلعة، وحضور البيشمركة، حتى عاد الكوبانيون إلى أرضهم بينما كانت المنازل مهدمة، ناموا في العراة وتحملوا قسوة الأيام إلى أن بنوا لأنفسهم المعجزة، معجزة البناء. كل شيء تغيير ما عدا الذهنيّة الحزبيّة، أحياناً نتساءل إذا عجزت القيامة في تغيير مقاربات الحزبيين، وعجزت عن تغير أحوالهم، وإحداث علاقة جديدة مسؤولة بين الحزبييّن والأحزاب، فماذا سيغيرهم وسيغير المشهد الحزبيّ؟
الناس ينتصرون، ويؤسسون لأنفسهم الحياة، والأحزاب يفشلون في صياغة أي علاقة تخدمهم وتخدم تطالعات جمهورها
كل شيء تغيير من بعد القيامة إلا الخلاف الكُردي لم يتغيير وبقي كما هو..لننتظر المعجزة إذاً!!