طريق

طريق"M4” رودكو...

Dec 24 2019

فاروق حجّي مصطفى
الصراع على الطرق، ليس صراع اليوم، فمنذ بداية الأزمة كانت الطرق تشكل أحد أهم نقاط الخلاف بين القوى المتحاربة؛ وفي الأشهر الأولى تم قطع طريق السكك الحديدية، وبعد أشهر أطلقوا الرصاص على كل السيارات المارة وحتى باصات الركاب التي تنقل المدنيين من حلب إلى دمشق، وغيرها، وكاتب السطور شهد بنفسه ما جرى، ونفذ الباص الذي كان يقله، من الرصاص، بأعجوبة عند أحد المفارق في جنوب حمص، وفيما بعد تحوّل الطمع للسيطرة على الطرق الرئيسية لدى القوى الراديكالية، ومن على الطرق الرئيسية تمت عمليات القرصنة لآلاف المارين إلى درجة لم يعد أحد يتجرأ على المرور.
المدني عاش ويعيش في حالة من الرعب، وعند الشدة لا يتجرأ على الهروب بسبب غياب الأمن وقرصنة قطاع الطرق، ولعل الخطاب المتعلق بسوريا لم يتطرق ولا مرة إلى أهمية الطرقات في حياة المدنيين.
النظام يقاتل الكتائب في إدلب وراح آلاف المدنيين ضحايا نتيجة القصف والاستهداف، والهدف الأول هو الطريق الدولي بين حلب ودمشق.
وعند احتلال تركيا لمنطقة شمال سوريا ولا سيما جرابلس والباب سرعان ما تم قطع الطريق الدولي بين منبج وحلب مع أن النقاط التي تسيطر عليها 2 كم فقط أي ما حول دوار تادف، ألا يسأل حاكمو تلك المنطقة أنفسهم لماذا يتجنب المدنيون أماكن تواجدهم مع أنهم يتخذون طريق آخر بمسافات أطول؟ من منبج ثم قرية التايهة وثم طريق شبه زراعي ومنه إلى حلب.
وقبل ذلك عندما احتل تنظيم داعش كل من منبج والباب وصرين اعتقل مئات المدنيين الكرد، وكان غالبيتهم موظفون، من الذين اتخذوا ذلك الطريق إلى حلب لأخذ رواتبهم.
وما إن غزت قوات موالية لتركيا سريكانيه/رأس العين، وگري سپي/تل أبيض حتى أعدمت المدنيين على طريق "M4” رميًا بالرصاص، وأحد الضحايا هي الأمين العام لحزب سوريا المستقبل" هفرين خلف" وعشرات المدنيين الآخرين، أحدنا يسأل لماذا السيطرة على الطريق الدولي "M4” / رودكو مع أنّ الطريق لا يمكن أن يقدم لهم أي خدمة كون جنوب الطريق مغلق أمامهم وأيضاً من ناحية الشرق والغرب. ولماذا هذه الكيدية تجاه الناس ومصالحهم، مع أنّ ذلك الطريق هو الذي يربط شمال وشرق سوريا
بغربها!
ولسان حال الناس يقول، لم يعد الوضع يتحمّل، فضلاً عن الاستغراب بالتواطئ الدولي-الأممي والقوى العسكرية الموالية لتركيا خاصة أنّ ذلك الطريق لا يخدم المدنيين فحسب إنما يخدم المصالح حتى أن له بُعد مصالح إقليمية إضافة أنْ حاجة الناس لهذا الطرق هي حاجة انسانية قبل أن تكون حاجة لسير المصالح الاقتصادية!
وبقي القول، إنّ طريق رودكو/M4 طريق دولي ويمكن اعتباره طريق سريع، والنَّاس بأشد الحاجة له من ذي قبل خاصة وأننا في ظروف الحرب وانعكاساتها على المشهد الإنساني، والصحي، والسؤال الذي يطرح نفسه، أما آن أن تضغط الدول ذات الشأن في سوريا على موالي الأتراك وإبعادهم من الطريق الذي باتت أهميته الإنسانية تفوق أي اعتبارات أخرى؟!