المرأة الكُردية تزيل الإرهاب وتصنع السلام

المرأة الكُردية تزيل الإرهاب وتصنع السلام

Mar 29 2019

سردار شريف
كانت مرحلة ظهور الإرهاب في شمال وشرق سوريا من المراحل التي في غاية الصعوبة على جميع الأصعدة وبالأخص على المناطق الكُردية والكُرد الذين كانوا يتواجدون في المدن بأعدادٍ أقل من الشرائح السورية الأخرى ويتعرضون لسياسة التهجير والقمع والخطف والاعتقالات بتهمة عدم التزام المورد بالعقيدة الإسلامية والكفر فكان لابد من الكُرد الانتقال من تلك المدن مثل الرقة وتل ابيض إلى المناطق التي تسكنها الغالبية الكُردية مثل كوباني وقامشلو وعفرين التي كانت تحت حكم القوات الكُردية .

ولكن لم تتوقف المسألة عند الفصائل الارهابية بتهجير الكُرد فقط، بل كان حلمهم أكبر مما نعتقد واتخاذهم لقرار الحصول على المناطق الكُردية وأولها كوباني .وبالفعل بدأت بالتحرك نحو كوباني المدينة الواقعة على الحدود التركية السورية فما كان من القوات الكُردية إلا الوقوف في وجه هذه العاصفة الإرهابية .

وهنا بدأت قصة المرأة الكُردية التي قررت عدم الهروب والبقاء وحمل السلاح وانخراط عدد ٍكبيرٍ من الفتيات والنساء الكُرديات إلى قوات حماية المرأة وتلقي التدريبات العسكرية مثلها مثل الرجل ونشر فكرة أن المرأة من حقها أن تدافع عن الأرض وتقف في صفوف المقاتلين الكُرد.

كانت صدمة كبيرة بالنسبة لكل دول العالم مع بدأ الحرب على كوباني وظهور صور على كل الصحف العربية والأوربية للمقاتلات الكُرديات وهن يقفن في صفوف المقاتلين الكٌرد دون خوفٍ او ترددٍ لتصبح المرأة الأقوى عالمياً.

في تلك المرحلة كانت مدينة كوباني في نظر العالم أن اياما قليلة وتكون تحت سيطرة الإرهاب ، في نفس الوقت انتشرت على شبكات التواصل الاجتماعي فيديوهات لفتيات كُرديات يقمّن بالغناء وإيصال رسالة للعالم بأنهنّ سوف ينتصرن مهما حدث وسوف يدافعن عن الأرض لأخر لحظة ولآخر قطرة دم .

وأصبحت كلمة التضحية هي كلمة خاصة بالفتاة الكُردية بعد ان ضحت المقاتلة ارين ميركان بحياتها على جبل مشتى النور المطل على كوباني من اجل رفاقها وبقيت رصاصتها تقتل الخفافيش السوداء الى آن أتت اللحظة الأخيرة التي لم يبقى معها إلا رصاصة واحدة وما بينها وبين الأعداء إلا بضعة خطوات فما كان منها إلا أن تهدي نفسها تلك الرصاصة قبل أن ينقض عليها أولئك الجزارين بعد ان ودعت عيونها أعين صديقاتها .

استشهاد ارين زاد من عزيمة صديقاتها وكل فتاة على جبهات القتال وهذا ما دفع إلى تعاطفٍ عالميٍ كبيرٍ اتجاه ما يحصل في كوباني وأخذ المرأة الكُردية مكانة خاصة في العالم واعتبارها المرأة الأولى في العالم التي قررت مواجهة الإرهاب وصناعة حياة كريمة لنفسها ولشعبها والأرض التي تنتمي إليها .

وبعد عدة أسابيع من المقاومة والحصار أعلنت المرأة الكُردية انتصارها على آلاف الإرهابيين لتحمل راية الانتصار جنبا إلى جنب مع الرجل ولتلقب كوباني بعاصمة المقاومة العالمية . كان الحدث حدثاً عظيماً وانتشار صور النساء الكُرديات على الصحف والمجلات الاوربية وشبكات التواصل الاجتماعي والقنوات الإعلامية ، والمفاجئة الأكبر كانت مع إعلان أحد النحاتين العراقين بانتهائه من صناعة تمثال للمرأة الكُردية في السليمانية ليعبُر بعدها عن طريق معبر سيمالكا بتنصيبه
في أحد الساحات الكبيرة في مدينة كوباني .

هنا أصبحت الإرادة الكُردية مطالبة بمواصلة القتال ضد الإرهاب وتحرير منبج وتل ابيض والرقة ولتعود المرأة الكُردية لتسرق الأضواء من كل المشاهير في العالم والنساء العربيات والاوروبيات من الزمن القديم والحديث بعد ان تحررت الكثير من المناطق والمدن السورية في شمال وشرق سوريا بقيادة تلك الفتاة السمراء الجميلة روجدا فلات التي أثبتت مدى قوة المرأة الكُردية بعد أن كانت تظهر روجدا في ساحات المعارك وهي مبتسمة مرسلة رسالة إلى كل العالم وتقول : نحن أقوياء وسوف ننتصر قريبا جدا .

كانت مسألة غريبة بعض الشيء للكثير بأنه كيف لفتاة تقود الآلاف من الأشخاص وتقاوم اقوى التنظيمات الإرهابية في العالم ولكن الشيء ذاته كان مسألة ليست غريبة بالنسبة للكُرد فمنذ القدم والمرأة الكُردية لها مكانة خاصة وتأثيرٌ كبيرٌ على الثقافة الكُردية والقضية الكُردية واليوم مجددا تعود الارتال العسكرية من الباغوز من أخر معاقل الإرهاب وتحمل المرأة الكُردية راية السلام وتعلن الانتصار لتضمن لشعوب المنطقة والعالم أن السلام قد عاد والإرهاب دفع الثمن غاليا .

هكذا هي المرأة الكُردية صانعة للسلام لا تشبه أي امرأة أخرى هي قضية بحد ذاتها كل واحدةٍ منهنّ قديسة لم تتوقف مكتوفة الأيدي أمام الإرهاب بل العكس تماما حاربت وقاتلت وبقيت الأنثى الجميلة لتضمن للأجيال القادمة حياة كريمة خالية من السواد والظلم .