المجتمع المدني وسؤال الإستحقاق...؟

المجتمع المدني وسؤال الإستحقاق...؟

Feb 19 2020

فاروق حجي مصطفى
أمران يقعان على عاتق المجتمع المدني لفعله، الأمر الأول: الإنخراط في العملية الدستورية، والثاني: إصلاح العلاقات مع مكتب المبعوث الخاص، ولا سيما غرفة دعم المجتمع المدني بجنيف.

وما بين الأمرين يقع على عاتق المجتمع المدني السوريّ مسؤولية إصلاح الذات ومعرفة قيمه والدور الذي يقع على عاتقه، وموضع تواجده؛ وكل ذلك لمنع ضياع بوصلته في كل مرحلة انعطافية سوريّة.

في الأمر الأول ثمة تحديّات، ولعل أهمها هي كيف؟ وثمة تحديّ آخر هو نوع الانخراط، وتحدي ثالث ماذا بعد الإنخراط؟

وفي الأمر الثاني، ولعل في هذا الأمر ثمة تعقيدات، وأول هذه التعقيدات هي كيفية صياغة علاقة جديدة مبنية على التشارك الفعلي في مسار الغرفة والوظيفة؛ ولا نستغرب أنّ مسألة الملكية هي ربما ليست بمستوى الأشكال إن كان لدى مسيري ومخيري الغرفة نيّة التشارك.
منذ تشكيل الغرفة وإلى هذه اللحظة لم يختفي اللوم، وفي كثير من الأحيان تمدد اللوم ووصل إلى حد النقد اللاذع، ومن المعروف أنّ هناك شكلان لأصحاب اللوم والنقد، شكّل مبدئي وحريص على مستقبل المجتمع المدني ومسار السلام السوري، وهذا النوع وجه النقد لأنه كان عليه مآخذ على انطلاق الغرفة، وكان يعتبر أن لانطلاق الغرفة مآرب وموارب، في لحظة أنّ كل المشاركين في الغرفة تجنبوا الاحتكاك مع هذا الشكل من المنتقدين، ولم يفتحو حواراً صريحاً ومسؤولاًً معهم.
والشكل الآخر لأصحاب اللوم هم المزاودين، وهدفهم حصر كل المسارات في مسار المعارضة وحتى النظام، ونلاحظ أنه مرةً يلومون الغرفة لأنها تتجنب التضمين والتشميل ومرة يزاودون ويرون أنّ وظيفة الغرفة لا تخدم الصالح العام السوري.
والحق أنّ هذين الاستحقاقين: الدستور، وإصلاح الغرفة، يجب أن يكونا هدفين أساسيين للمجتمع المدني السوري، وعليه فإنّ المجتمع المدني أمام استحقاق، ليس الانخراط فحسب إنما الانخراط مع أي كتلة، هل مع كتلة "الثلث الثالث" أم مع كل من يحمل أو يقارب المحتوى وأداء العمليّة بتقييم المجتمع المدني.
والهدف العام هو دستور جيد معبّر عن الكل ويحل الجزء الخلافي بين السوريين.
والهدف الآخر هو أنّ الغرفة جزء لا يتجزأ من تاريخ المجتمع المدني السوري، وأنه مكسب مهم، ولعل هذا يضعنا أمام مسؤولية أخلاقية ومهنية وذات قيمة، وأن إصلاح الغرفة يعني إصلاح الذات بعينها.

بقي القول، إننا أمام مخاض لمسار مدني فاعل وجدي، ما يتطلب منا جميعاً التعامل الجدي والمسؤول وهي فرصة كبيرة لنا، ولنحقق أمرين بأضعف الإيمان: بلورة واقع مدني حقيقي باستطاعته التقارب مع المحطات الأخرى دون ضياع البوصلة والموقف. والشيء الآخر هو تحويل الغرفة لتكون مرجع بنكي من الأفكار وسبل الحل والخيارات... أبعد من العملية الدستورية أي كل العمليات السوريّة اللاحقة!