المجتمع السعيد

المجتمع السعيد

Aug 12 2018


فاروق حجّي مصطفي:
كثيرا ما نسمع عن "المجتمع السعيد"، لكن دون أن نتعمق ،كيف بوسعنا العمل على بناء المجتمع السعيد، أو حتى أن نكلف أنفسنا ما هو "المجتمع السعيد"؟
المجتمع السعيد ليس شعاراً نرفعه أو عنوناً لنقاشاتنا، إو إدعاء بأن نحمل قيمه، فقيم المجتمع السعيد هو قيّم حداثوية بكل تأكيد. ولكن هل نحمل هذه القيّم؟
المجتمع السعيد، بنائه لا يتم بقرار شخصي، حتى وإن باشرت مؤسسة مدنيّة ببلورتها، فهو لا يتأسس بين ليلة وضحاها، هو يظهر مع الزمن بمعنى يطل برأسه خلال التعامل اليومي، وفي مقارباتنا لأنفسنا وفي علاقتنا مع الآخرين أو مع أصدقائنا أو مع من نختلف معه، ثم لهذا المجتمع قيّم ومن يحمله لا ينزلق نحو متاهة الصراع او العنف إنما يعزز او يقارب اي حدث وان كان حاداً وصادماً برويّة تامة، لأن مصلحة المجتمع السعيد ليس كمجتمع في حالة التنقل او لنقل الإنتقالي. بمعنى آخر إنّ المجتمع السعيد لا ينتجه مجتمع البداوى أو لا يعيشه أي من مجتمعات حتى الحضاريّة منها. فمصلحة المجتمع السعيد هو التبادل السهل الغير المعقد بين المؤسسات او بين الافراد وينسحب هذا الأمر إلى ما بين المجتمعات.
يلوح المجتمع السعيد برأسه دائماً مع كل حدث، لأنّ فطريّة الإنسان تحمل شيئأ من قيّم المجتمع السعيد، والاحترام على سبيل المثال لا الحصر جزءٌ هام من أي مجتمع سعيد، وثم قبول بالاخر والتعامل او التواصل معه تحت أي ظرف كان.
في مرحلة انتقالنا لا نؤسس او نؤسس أرضية المجتمع السعيد، انما ننحو نحو إظهار عصابياتنا الضيقة، وذلك من خلال السير في الخطأ او لنقل السير كما "القطيع". بينما في الثورات السابقة التي شهدتها العالم كانت بيئاتها تؤسس مع فرز أسس وقيم المجتمع السعيد.. لا ثورتنا مثل ثورة الآخرين ولا مقارباتنا مثل مقاربة الآخرين ولا أهدافنا. المنطق الطبيعي يقول بأن كل ثورة تغير من الحال والأحوال لا تنصف الكل ولا تسقط الكل إنما تسحب ما هو مهيمن إلى حيّز الشراكة لأن الامتيازات تذهب مع من حمله وإن المجتمع السعيد لا يمكن تأسيسه إن كان القاع فارغاً من الإمتيازات أو لنقل الإنجازات البشريّة.
ثورة أوكتوبر لم تنصف رقص الباليه وأيضاً ثورة فرنسا حافظت على ارستقراطية التواصل إنما نحن ننصف كل شيء ونعتبر ما تم إنجازه هو من إنتاج حقبة ملوثة..
بالمختصر، وكون أنّ ما نخوضه يمكن إطالته، لنختصر إنّ أركان المجتمع السعيد يبدأ عندما نعمل لكيفية انتقال "مواهب الناس إلى الفنون"، وبشكل آخر لنقول يبدأ حالة من المجتمع السعيد عندما نقدر ونحترم مهّن الآخرين، ونعتبر أنفسنا إننا بحاجة الى إمكانيات الآخرين حتى لو كان الآخرين في حالة الصدام معنا!