اللاجئين والولادات خارج العلاقة الزوجية

اللاجئين والولادات خارج العلاقة الزوجية

Aug 10 2018


برجاف | دانمارك : المحامي محمود دالي

تشير بعض الدراسات الغير رسمية بزيادة عدد الولادات خارج اطار العلاقة الزوجية في القارة الأوربية حيث وصلت إلى 43% حيث تسمح قوانين هذه البلدان بذلك ... وانتقلت هذه الحالة رويدآ رويدآ إلى بعض العائلات اللاجئة ..ولكن كيف تم ذلك
مع وصول اللاجئ إلى احدى الدول الأوربية مع عائلته أو بمفرده قد يجد كل من الرجل والمرأة نفسيهما أمام حالة من الطلاق الصوري والتي قد يلجآن إليهما مكرهين دون أن يملكا خيارآ آخر .
فعل سبيل المثال : المتزوج من امرأتين ومع وجود قوانين تمنع تعدد الزوجات وبغية حصولهما على الإقامة يضطر الرجل إلى عدم الاعتراف بزواجه من إحدى زوجاته وغالبآ ما تكون الصغيرة دون وقوع الطلاق باللفظ أو الكتابة . ويتخذها في ملف اللجوء كصديقة حميمة له ( Girl friend ) وفي حال انجابهما لطفل ما يمكنهما القوانين تسجيل الطفل أو الطفلة على اسم والده الشرعي ويمكنهما العيش في منزل واحد . وهناك حالات تضطر فيها المرأة إنكار زواجها وتتخذ من زوجها كصديق حميم ( Boy friend ) أو تنكر وجود أي صديق في حياتها .... وهناك الكثير من الحالات المشابهة والتي يكون فيها الزوجان مكرهين لامخيرين ...
ولكن هناك الكثير من الحالات التي يلجأ إليها بعض اللاجئين إلى الطلاق الصوري مخيرين ابتغاء لمنفعة مادية فكيف يحصل ذلك :
- بعد حصول الزوجين على الإقامة والعيش في منزل واحد لفترة زمنية وعند حصول الزوج على عمل ما وبراتب شهري ( هنا تقطع الدولة المعونات المادية عن الزوجة أيضآ ) فيذهب الزوجان إلى البلدية ويعلنان بكتاب خطي وبصريح العبارة أنهما تطلقا ولم تعد العلاقة الزوجية قائمة بينهما ولابد من الاتفاق والتوقيع على عدة أمور :
١ - حضانة الأطفال : يتفق الطرفان على الحضانة وغالبآ يتنازل الزوج عن حق الحضانة للزوجة لأجل حصولها على المعونة المادية
٢ - يشترط في هذه الحالة حصول الزوج على منزل مستقل عن زوجته ولايمكنهما العيش في مسكن واحد ..فيصبح له عنوان مستقل
٣ - يحق للزوج رؤية أطفاله في منزل الزوجة شريطة أن يكون في وضح النهار ولا يحق له المبيت في منزل الزوجة أو التواجد هناك ليلآ وإلا يعتبر ذلك خرقآ للقوانين ويعرض نفسه للغرامة المالية
٤ - تصبح مسؤولية تربية الأطفال ورعايتهم للزوجة فقط ولا يحق للزوج التدخل فيها .

ويترتب على هذا الأمر الكثير من الآثار فلا يمكنهما القيام بزيارات عائلية أو سياحية أو التسوق معآ .... وإلخ
ولكن أخطر ما في الأمر هو عندما يحدث الحمل فتجد الزوجة نفسها أمام سؤال بمثابة تحقيق من الجهات المسؤولة : ( من هو والد الطفل ) عليها إما الاعتراف بأن العلاقة الزوجية لازالت قائمة وعليها تحمل النتائج والعودة إلى ماكان عليه مع تعرضهما للغرامات المالية الباهظة أو تقر بأنه من علاقة عابرة مع زوجها السابق أو بأن والد الطفل رجل آخر .... وما يزيد الأمر تعقيدآ عند الولادة حيث يتم تسجيل الطفل باسم الأم دون أب أي يصبح الطفل رسميا لا والد له.
كان هذا شرحآ مبسطآ لحالات الطلاق الصورية التي تحدث بين اللاجئين ولكن ماهو الأثر المترتب على هذا الطلاق شرعآ وقانونآ ... فهل يقع الطلاق شرعآ بين الزوجين .. وهل لها آثار قانونية وفق قانون الأحوال الشخصية السوري .
اختلفت الآراء بهذا الصدد . يرى الدكتور شوقي علام ويؤيده في ذلك العديد من الفقهاء منهم الدكتور عبد الله نجار عضو مجمع الفقهاء الإسلامية ...بأن الطلاق يقع شرعآ مبررا بأن الطلاق الصوري مبني على التحايل والخداع المحرمة شرعآ وقانونآ ويضيف يقع الطلاق شرعآ إذا جرت وفق أحكام القوانين الوضعية طالما أنه لاتناقض مع أحكام الشرع حيث يتم الطلاق بالكتابة الصريحة أمام جهات رسمية فيأخذ بها ويرى آخرين بأن الطلاق الصوري منبوذ وممقوت شرعآ يجب الابتعاد عنه لما فيه مخالفة لأحكام الشرع ...وأكد بيان مؤتمر مجمع فقهاء الشريعة بأمريكا الذي انعقد في كوبنهاغن ٢٠٠٤ والذي أكد أن الطلاق الصوري يؤخذ به لأن الكتابة هي الوسيلة الأساسية للاثبات والتوثيق ... ووفقآ لأحكام قانون الأحوال الشخصية السوري فإن الزواج : عقد بين رجل وامرأة تحل له شرعآ غايته إنشاء رابطة للحياة المشتركة والنسل
وينعقد الزواج بايجاب وقبول لفظي في ذات المجلس أو بالكتابة الصريحة للغائب والعاجز عن النطق أو بالإشارة المفهومة ... وكذلك يقع الطلاق ... فالزوجين يقران لفظآ بوقوع الطلاق ويوثقانه كتابة أمام موظف رسمي ... ويمكن استخدام هذه الوثيقة أمام المحاكم السورية لإثبات وقوع الطلاق واعتباره واقعآ من تاريخه إذا تمسك أحد الزوجين بمضونها
ووفقآ لقانون الأحوال الشخصية السوري فإن انحلال الزوجية تكون مخالعة إذا وقعت بإرادة الطرفين ...ووفقآ لأحكام المادة ١٩٨ من القانون الجديد فإن كل مخالعة جرت خارج المحكمة صحت وترتبت آثارها . فكيف إن كان بتوثبق أمام موظف رسمي وبصريح اللفظ والكتابة
...
ومع ذلك تستمر العلاقة الزوجية وإن انجبا طفلا فإن المعضلة هنا أن الزوجة تنكر أبوة الزوج للطفل أو أنه نتاج علاقة عابرة مع طليقها ويتم تسجيل الطفل باسم الأم ويعتبر من الولادات الحاصلة خارج اطار العلاقة الزوجية .
فإذا لم يكن هذا التصرف سلوكآ اجتماعيآ شاذآ ومحرمة شرعآ عدا عن مخالفته لأحكام القوانين الوضعية ... لماذا غالبآ مايبقي الزوجان الأمر سرآ بينهما ..أليس هذا يعد بداية لإنهاء العلاقة الزوجية ويؤثر سلبآ على طفل تم قيده في السجلات دون أب ومدخلآ لإنهاء روابط أسرية أخرى والتي سوف تخلف أثارآ سلبية على الأسرة على مر الزمن ....