الفلسطيني والكردي

الفلسطيني والكردي

Jun 27 2020

أحمد برقاوي
يتميز الفلسطيني والكردي عن سائر سكان منطقة الشرق الأوسط بأنهما مكافحان من أجل الحق في تقرير المصير ، مع اختلاف جوهري بينهما ألا وهو إن الأول وطنه محتل ،والجزء الأكبر من سكانه الأصليين لاجئ. فيما الثاني يعيش على أرضه دون القدرة على تكوين دولته المستقلة . صحيح إن كلاهما يخوض كفاح تحرر وطني، ودفع ويدفع ثمناً باهظاً في سبيل ذلك،لكن الفلسطيني رغم ما يعانيه من ذوي القربى تظل حقوقه الثقافية مصانة، لأن ثقافته لا تختلف عن ثقافة أمته ، فيما الكردي يعيش حال الإضطهاد الثقافي بسبب تبعثره على عدة دول لا تعترف بحقوقه الثقافية كاملة .
ما يتفق فيه الفلسطيني والكردي بأنهما ينظران إلى المحيط وإلى كل ما يجري في العالم من أحداث انطلاقاً من قضيتهما فقط .
فالأول يضع نظارة فلسطينية على عينيه فيشاهد العالم باللون الفلسطيني ، والآخر يضع النظارة الكردية فيشاهد العالم باللون الكردي .
لا شك إن هناك مبررات موضوعية لهذه الحال و استمرارها،ولكنها حال غير محمودة النتائج دائماً من حيث السلوك و فهم الوقائع.أي لا تصلح هذه الحال للعمل السياسي.
فالفلسطيني ، مثلاً ، لم يرَ لبنان منذ دخول المقاومة إليه وحتى خروجه منها ، إلى من زاوية رؤيته لقضيته فقط ،وصار جزءً من صراعات الداخل اللبناني على أساس كهذا،في الوقت الذي لا تشكل فيه القضية الفلسطينية للدولة اللبنانية هاجساً وطنياً أصيلاً . و طوائف لبنان مختلفة اختلافًاً كبيراً حول الوجود الفلسطيني.وقس على ذلك . أن يكون للفلسطيني قضيته التي يدافع عنها بكل الوسائل المشروعة تاريخاً من الكفاح السياسي الى الكفاح الأخلاقي الى الكفاح العسكري فهذا ما لا يستطيع أحدٌ أن يجادل فيه،أما أن يطالب كل ماهو غير فلسطيني أن يرى العالم من زاويته هو ، أي من زاوية فلسطين فهذا أمر مستحيل التحقق في العالم المعاصر ، ولهذا فكفاحه العالمي يتطلب أن يحشد الدعم الدولي له وفق الممكن الذي تنطوي عليه هذه الدولة أو تلك.صحيح إنه يطلب من الحكام العرب أن يكون لهم موقف خاص بسبب الإنتماء القومي ، ولكن حتى هذا الأمر أمر صعب التحقق ، لذا عليه أن يسعى نحو الحصول على دعم وفق علاقات ودية وحسنة مع سلطات العرب بمعزل عن تناقضات الوضع السياسي الفلسطيني ، فلا يمكن أن تطلب حماس،مثلاً،دعماً لها من جميع الدول العربية،في في الوقت الذي تقيم فيه علاقة مع إيران التي تدعم حركات إرهابية وإنفصالية في بلادنا.
أما الكردي الذي يواجه عقبات كبيرة في إنشاء حلمه بدولة كردية في كل أماكن وجوده،فليس من حقه أن ينظر إلى مصيره في سوريا بمعزل عن مصير الثورة السورية وكفاحها،والتي هو جزء منها . وبالتالي فمسألة انفصاله لا تستقيم مع مسألة كفاحه المدعوم عربياً وسورياً،ولا يستطيع أن يحمل العربي السوري أن يضع على عينيه نظارتين كرديتين فقط،كما لا يجوز أن تكون رؤيته لمستقبل سوريا انطلاقاً من كرديته فقط.
لا يحق للكردي أن يجعل من نظرته إلى قضيته وأساليب الكفاح من أجلها نظرة كلية للآخرين أيضاً.
لا يستطيع الكردي ان يفرض عدائه لتركيا موقفاً على يرون لهم مصلحة في علاقة مع الأتراك،كما ليس من الحكمة أن يطلب الموافقة على شكل العلاقة القائمة الآن بين الحركات الكردية الإنفصالية وأمريكا.
وكما علينا نحن الفلسطينيين أن نوحد أهدافنا أولاً بشكل واضح جداً،وأن نحقق وحدة وطنية ما حول هذه الأهداف دون إلغاء الإختلاف الموضوعي ونبني علاقة مع الآخرين تأسيساً على وحدة الأهداف وأساليب تحقيقها ،كذلك أمام الكردي تقع مهمة كهذه.
أما أن يكون هناك انقسام فلسطيني،ويبني كل قسم علاقات خارجية خاصة به،ويطلب من الآخرين أن يروا ما يراه فهذا ليس أمراً مشيناً فحسب، بل طعنة نجلاء في ظهر القضية الفلسطينية.
وأن يكون الأكراد منقسمين في الأهداف والأساليب ويطلبون من الآخرين دعماً لهم فهذا امر طوباوي.
و ما يُطلَب من الفلسطيني أن يحققه هو ذاته ما يُطلب من الكردي أن يحققه.كيف يتحقق ذلك ؟ أنا لا أدري . حسبي أن أضع يدي على الجرح .
‏المصدر: من صفحته الفيسبوكية