الشباب والطريق إلى السلام

الشباب والطريق إلى السلام

Jul 31 2019

سردار شريف

المجتمعات الشرقية هي مجتمعات مليئة بالثروة الشبابية والطاقات الهائلة التي تم أهمالها بشكل كبير منذ القدم والسنوات العديدة التي أصبحت فيها البطالة هي موطن أغلب الشباب الذين ينتمون إلى البلاد الشرقية والعربية ومع ظهور ما يسمى بالثورات العربية والأزمات السياسية والحروب زادت هموم الشباب وظن أغلب الشباب أنه قد حان زمن الديمقراطية والحرية التي استخدم فيها الشباب للإطاحة برموز الديكتاتوريات في البلاد العربية ولكن سرعان ما تحولت الشوارع في البلدان العربية إلى ساحات شغب وعنف وقمع وبالطبع لم تكن كلمة الحرية مفهومة بشكل واسع للشباب لذلك استخدمت الكلمة بشكل خاطئ ما أدى إلى تحول العديد من تلك البلدان إلى ساحات قتال وسيطرة الدمار على كل شيء / البنية التحتية /البنية الفوقية / اقتصاد الدولة / الفكر / والتعليم ايضا" .

مع بدأ الصراع في البلدان العربية بدأت هجرة الشباب إلى البلاد الأوروبية لأنه من الصعب البقاء في واقع أليم يمنع الشباب من ممارسة أصغر حقوقهم واحلامهم وخاصة أن نسبة كبيرة كانت تعاني من الوضع المادي المتردي وخاصة في سوريا
كان نسبة قليلة تستطيع أن تكمل التعليم وتختار البقاء رغم أن فكرة البقاء كانت مغامرة بحد ذاتها
لأنه سرعان ما تحولت المسألة في سوريا إلى كارثة وظهور الصراع بين الكثير من القوى والفصائل على أرض واحدة وكل هذا على حساب حياة الشباب وعلى حساب أحلامهم التي أصبحت لا تعني شيئا" لهم .

أصبحت معاناة الشباب السوري هي قصص نستطيع أن نراها عن طريق المسلسلات والأفلام السورية والأفلام الوثائقية والقصص والروايات التي ظهرت ما بعد مرحلة ما يسمى بالربيع العربي الذي تحول إلى خريف وسقطت كل الاوراق وأصبحت السياسة تلعب لعبتها ودورها في المنطقة وأيضا على حساب الشباب ولكن رغم قساوة الوضع في سوريا وهجرة الملايين هناك نسبة جيدة اختارت البقاء دون اختيار أحد تلك الأطراف السياسية أو العسكرية التي أصبحت تحتل مساحة جيدة على وسائل الإعلام العربية والغربية وشبكات التواصل الاجتماعي وكان اختيار البقاء يترافق مع تعرض الشباب للعنف بشتى أشكاله في كل يوم في الشارع والجامعة والأماكن العامة وفي كل مكان وظهرت سياسة العنصرية في اللغة والدين والمعتقد والمكان واللهجة لذلك كانت نتائج هذه المسائل سلبية بامتياز .


مع وجود الكم الهائل من الصراع اختار المئات من الشباب العمل الإنساني رغم الظروف الصعبة والوضع الإنساني المؤلم وعدم توفر مردود مادي وكان اختيارهم بالنسبة لذلك الحرب اختيار يتحدى أمور ومسائل دولية يصعب ترجمتها إلى كلمات أو جمل
أصبح الشباب السوري يحمل الأفكار الإنسانية ويتقدم نحو الأمام وينخرط بالمجموعات الشبابية التي تقدم في الساحات الإنسانية في غالبية المحافظات السورية مع زوال أفكار العنصرية التي ظهرت في بداية الحرب والأزمة السورية وأصبح هدف الشباب الوصول إلى الأماكن التي تعاني من الوضع الإنساني المتردي ولعبت الجمعيات والمنظمات الدولية دورا" هاما" وفعالا" حيث أصبح الشباب ينخرطون في المنظمات والجمعيات وفتح المجال لهم لتقديم المحاضرات والندوات الإنسانية والاجتماعية والثقافية والصحية والدورات التدريبية التي تمكنهم أكثر من العمل في هذا المجال ولكن لم تكن كل المنظمات الدولية هدفها إنساني ومع ذلك استطاع الشباب التمييز بين هدف ونوايا كل منظمة وكل جمعية .

الهدف الحقيقي للشباب أصبح مختلفا" ومتعلقا" بالإنسانية أكثر من أن تكون الأهداف هي شخصية ومحدودة وأصبح مفهوم الإنسانية والسلام هو الشيء الأهم ضمن صفوف الشباب وحتى ان غالبيتهم اصبحوا يعملون على تحقيق السلام دون أن يعلموا بهذا الشيء وهنا كانت تخلق الحواجز والمظاهر السلبية في الكثير من الأماكن التي كانت تدعي الإنسانية ولكن في الحقيقة هي كانت أماكن تقف في طريق الشباب .

لعبت شبكة ووسائل التواصل الاجتماعي دورا" هاما" وقويا" في إيصال الرسائل الإنسانية التي وجهها الشباب السوري إلى العالم وسلط الضوء على الأعمال الإنسانية والتطوعية التي يقومون بها في جميع المجالات والمواضيع وكل النواحي التي تتعلق بالوضع الإنساني في سوريا وكانت المواضيع التي يطرحونها مواضيع جريئة لم تكن تطرح قبل الأزمة والحرب في سوريا و أصبح الكثير من الشباب مثيرين للرأي العام ومحط أنظار الجميع في داخل وخارج الخريطة السورية .

مسألة صناعة السلام كانت وستبقى المسألة التي من المستحيل تحقيقها دون الاستعانة بقدرات الشباب يتسائل الكثير هل من الممكن أن يتحقق السلام ؟
كلنا نعلم ما هو الجواب الحقيقي فالسلام مسألة متعلقة بالشباب حصرا" لذلك لا يمكن تحقيق هذا الشيء وعدد كبير منهم هاجر إلى خارج البلاد وما زالت مسألة الهجرة مستمرة فلم يخلق الشباب لحمل السلاح أو لدخول المعارك لتحقيق أهداف سياسية أو عنصرية لا تعني لهم بشيء لذلك الشباب ووجودهم في ساحات المعارك الهمجية لن يحقق إلا مزيدا من التوتر والدمار والحرب المستدامة لا بل العكس هو الصحيح فالشباب هم خلقوا ليكونوا بالساحات الإنسانية يصنعون السلام الدائم متبعين سياسة السلام والإنسانية صانعين لاوطانهم ولأنفسهم المعجزات والحياة الديمقراطية الحرة الكريمة .