الدستور..فقط ينهي الحرب..

الدستور..فقط ينهي الحرب..

Sep 09 2018

فاروق حجّي مصطفى:
بدت لنا أنّ المعارك المرتقبة في إدلب، لم تسد الطريق أمام العمليّة الأمميّة الجاريّة حول لجنة صياغة الدستور وأيضاً صياغة أو بناء الدستور، وبالفعل إنّ عمليّة صياغة الدستور وإنجازها هي عمليّة يمكن أن تنهي الحرب ورجالاتها، أو على الأقل تقطع الطريق أمام أمراء الحرب. عند إكمال عمليّة الدستور يكون نهايّة الأمراء أيضاً، فأمراء الحرب وفوضاهم لا يناسب القوانين، أو أنّ نظام القوانين يخوّفهم، وينفرون منه. لا لأن القوانين وجدت أصلاً لضبط وتسيير الوضع بقدر ما أنّ شريان حياتهم في الفوضى، والبراري، إنما القوانين، أو لنقل نظام القوانين وإن وجدت لأجل الناس وللدول ،لكنه يؤسس مع الضبط وتسيير الأوضاع ومصالح الناس وتقنن حياتهم، ومع الزمن، يؤسس أو ينتج المواطن الناضج الذي يسعى إلى البناء والمواكبة للحداثويّة، ومصلحته الكبرى تكمن في أن يجد نفسه فيها على عكس أمراء الحرب الذين يسعون أن يبقى الفوضى وفي بطن الفوضى الجهل، ومع الزمن ينتج رعاع الجهل.
السنوات التي مضت كانت كافيّة لإختبار كل المسارات، ولم ينفع مسار واحد، ولعل السبب إنّ المسارات كلها لم تؤشر إلى المستقبل الذي يجد الكل نفسه فيه، ما يعني أنّ الدستور فقط يمكن أن يكون معبراً ومحققاً لآمال الناس أفراداً وجماعات! ولكن أي دستور؟
لا شك هناك مخاوف جمة من قبل الناس ومنظماتهم المدنيّة وتجمعاتهم السياسيّة تجاه الدستور الذي يسعى المبعوث الخاص بناء لجنة لصياغته من كون:
تدخل إقليمي واضح تجاه الأسماء، وحتى الإطار الدستوري العام.
عدم شمول الكل السوري بمعنى إنّ المرشحين من النظام والمعارضة تم تزكيتهم فقط لأن الأسماء تلك تؤيد الطرفيين، ولا طرف أختار شخص لأنه أهل ليكون من لجنة الصياغة.
الخوف أن يكون الأسماء الخمسين الذي قدمه المبعوث الخاص من المجتمع المدني أخذ في الإعتبار مزاج المعارضة والنظام وتالياً الدول الاقليميّة، وإذا حدث بالفعل ذلك فإنه يعني أنّ لا ممثل حقيقي عن الناس، فالآمال تكمن في ممثلي المجتمع المدني لانهم يعبّرون عن الصالح العام، واذا تدخلت الدول الإقليميّة فهذا يؤشر إلى التدخل لصالح أجندة ما يعني أنّ الدستور القادم سيكون دستوراً يفتح آفاقاً لصراعاتٍ جديدة ومن نوعٍ جديد، وهنا لحظة الفشل الشنيع للأمم المتحدة، وهذا ما لا نريده نحن الفاعلون في المجتمع المدني.
بقي القول. إنّ الكل أمام استحقاق تاريخي ودستوري، بدءاً من الأمم المتحدة، والدولتين العظيمتين وثم الدول الإقليميّة، وأطراف الصراع المحليّة، وهو العمل أو المساهمة في فتح آفاق التوافق والسير نحو حل يرضى عنه الجميع ويؤسس لدولة القانون الذي لا يسمح لطرف أن يهيمن على الآخر بحكم الأصل والفصل، فضلاً عن دولة حامية لمواطنيها من خلال رؤيّة نفسه على أنّها جزء من محيطه الطبيعيّ، ودولة لا تعزز الغبن الذي ألحق منذ ما بعد تأسيس سوريا بالمكونات المجتمعيّة من خلال حكم مركزي شديد الوطأة. الدستور ينهي الحرب، ولكن إن كان معبّراً للجميع…